فاعبد الله مخلصا له الدين

الخاطرة

فاعبد الله مخلصا له الدين

1002 | 22-06-2017

الإخلاص لله هو بداية الطريق إلى الله، وهو أول لبنة، وأهم لبنة من لبنات التوحيد، وهو السر الأعظم في تحقيق التوحيد الذي جاءت به الرسل.

فلا توحيد لمن ليس عنده اخلاص، كما لا يقبل عملك الصالح، ولا يكتب لك أجره وثوابه إلا بالاخلاص!؛ فالاخلاص خلاص من الشر والمحق والهلاك،الخسران.

والاخلاص بركة، وخير مبسوط وثقل لك في الميزان، وهو أفضل عمل شافع لك عند ربك وهو المراد، وهو أكبر حسنة تلقى بها ربك يوم يقوم الأشهاد.

وحقيقة الاخلاص أن تخلص قلبك، وتنقيه من الشوائب، وتجعله صافي منقى من كل المقاصد إلا قصد وجه الله العظيم.

فيتعلق قلبك بالله بعد معرفتك بعظمته، وتتيقن أنه I هو الإله الحق المبين وما سواه فصور، وأشباح لا تستمر، ولا تستقر!.

فمن دعا غيره I فهو كمن خر من السماء لتخطفه الطير، أوتهوي به الريح في مكان سحيق.

وهو كمن أراد كتابة عقد مهم فنقشه على الماء، أو كمن أراد سفرا طويلا بالسيارة فملأ خزان الوقود بالماء!.

ذلك بأن الله هو الحق، وأن ما يعبدون من دونه هو الباطل؛ فهو سبحانه يحرك الساكن، ويسكن المتحرك، وهو سبحانه يعطي ويمنع ويخفض ويرفع، ويعز ويذل، وينفع ويضر، ويقبض ويبسط، ويحيي ويميت.

فمن كسب الله فماذا خسر؟!!

ومن خسر الله فماذا كسب؟!!

ومن أخلص لله فماذا خسر؟!!

ومن أشرك مع الله فماذا كسب؟!!؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله.......فاعبد ربك مخلصا له الدين، وتوجه بقلبك إليه، وأخلص وجهك لوجهه؛ وقل:{إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين} [الأنعام:79].

فحذاري أن تتقصد غيره بقلبك في عباداتك، وحذاري أن تلهث وراء الجاه والمال، والسمعة، والدنيا؛ فهي ركام، وحطام، ثم ركام وحطام فاني!.

فاسلك بنفسك في طريق مرضاته I، واعلم أن كل نياتك وأقوالك وأفعالك، لا ترتفع إلا بالاخلاص؛ وإلا فقد ذهبت هباءا منثورا فهي بدون اخلاص كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء!.

قال U: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} [البينة:5] وقال I في الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»([1][1]).

فلنجتهد في تحقيق الاخلاص، ولنجاهد أنفسنا للوصول إليه، ولنبذل الغالي والنفيس للتشبث به، والحصول عليه، ولنتفرغ لتربية قلوبنا وأرواحنا، و نفوسنا عليه حتى تقبل أعمالنا، وأقوالنا، ويبارك فيها.

وقال علي بن أبي طالب t: من كان ظاهره أرجح من باطنه: خف ميزانه يوم القيامة، ومن كان باطنه أرجح من ظاهره: ثقل ميزانه يوم القيامة([2][2]).

فاللهم حققنا بالاخلاص لوجهك الكريم، واجعله علينا هينا سهلا هنيئا مريئا، وأذقنا لذته، وحلاوته يا رب العالمين.

فضل الاستغراق في أسماء الله الحسنى

استغرق في إمرار أسماء الله الحسنى على عقلك وقلبك ورددها بلسانك بسكينة ووقار متأمل فيها.

مستحضر معانيها وعظمتها،وجلالها، واختر كل يوم اسم من أسماء الله الحسنى، وتفكر فيه بهدوء وتركيز وصفاء.

مثلا القادر المقتدر تفكر في قدرته العظيمة على فعل أي شيء؛ تفكر في سعة وشمولية وعموم قدرته.

تفكر في قدرته على دفع كل الشرور والمصائب عنك، وتفكر في قدرته على جلب كل المنافع والخيرات لك.

تفكر في قدرته على قلب كل الموازين البشرية في لحظة تفكر في قدرته على تغيير أي شيء في لمحة تفكر كيف أن جميع المخلوقات في قبضته وتحت تصرفه، فله الخلق وله الأمر، وله الحكم وله الحمد في الأولى والآخرة.

ثم ادع الله به بعد أن تفكرت فيه واستغرقت في معانيه، وهكذا افعل ذلك مع كل أسماء الله الحسنى لعلك تسعد، وتفلح، وتنجح بإذنه تعالى، فكل الكون مرهون بأسماء الله الحسنى التي بلغت في الحسن غايته وبلغت منتهاه قال I:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} [الأعراف:180].

وقال النبي r:«إن للـه تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة»([3][3])؛ ومعنى أحصاها هنا أي فهم معناها، وتدبر فيها حتى أثرت فيه وعليه، ثم دعا الله بها بإخلاص ويقين.

عن الوليد بن مسلم قال: سألت الأوزاعي، والثوري، ومالك بن أنس والليث بن سعد رحمهم الله: عن الأحاديث التي فيها الصفات؟ فكلهم قال: أمروها كما جاءت بلا تفسير([4][4]).

فاللهم أعنا على دعائك بأسمائك الحسنى على الوجه الذي يرضيك.





([1][1]) أخرجه مسلم (2985) من حديث أبي هريرة t.

([2][2]) [موسوعة ابن أبي الدنيا 1/177].

([3][3]) أخرجه البخاري (2736)، ومسلم (2677).

([4][4]) [الشريعة / 318].

احصائية الزوار

الاحصائيات
لهذا اليوم : 299
بالامس : 305
لهذا الأسبوع : 907
لهذا الشهر : 4167
لهذه السنة : 14438
منذ البدء : 123843
تاريخ بدء الإحصائيات : 12-10-2011

التواجد الآن

يتصفح الموقع حالياً  4
تفاصيل المتواجدون

تصميم وتطوير كنون